أحكام "أنستالينغو"- قضاء مُسَيَّسٌ يُصَفِّي حساباتِ الثورة في تونس.

المؤلف: جمال الطاهر09.20.2025
أحكام "أنستالينغو"- قضاء مُسَيَّسٌ يُصَفِّي حساباتِ الثورة في تونس.

في ساعة متأخرة من ليلة الثلاثاء إلى الأربعاء، الموافق 5 فبراير/شباط 2025، أصدرت الدائرة الجنائية الثانية بالمحكمة الابتدائية بتونس العاصمة أحكامًا مذهلة ومجحفة في القضية المعروفة إعلاميًا بملف "أنستالينغو". طالت هذه الأحكام الصادمة واحدًا وأربعين متهمًا، شملت شخصيات سياسية وإعلامية بارزة، وكوادر أمنية رفيعة المستوى، ورجال أعمال نافذين، بالإضافة إلى عدد من موظفي الشركة المعنية.

بلغ إجمالي مدة الأحكام الصادرة رقمًا فلكيًا وصل إلى 760 عامًا من السجن، وشملت أحكامًا حضورية وغيابية، إلى جانب فرض غرامات مالية باهظة ومصادرة ممتلكات على بعض المحكومين.

مسار القضية.. سلسلة من التجاوزات

"أنستالينغو" هي مؤسسة متخصصة في إنتاج المحتوى الإعلامي والخدمات الترجمة. يذكر أنها قدمت في الماضي خدمات إعلامية لعدد من المترشحين في الانتخابات، بمن فيهم بعض المرشحين في الانتخابات الرئاسية لسنة 2019، والتي أسفرت عن فوز الرئيس قيس سعيد بولايته الرئاسية الأولى.

بدأت التحقيقات في ملف هذه الشركة للمرة الأولى في عام 2021، والمثير للدهشة أن هذه التحقيقات لم تنطلق بمبادرة من النيابة العمومية، بل بناءً على وشاية قدمها "شخص يمتهن الابتزاز منذ سنوات، وصادرة في حقه أكثر من عشرة أحكام بالسجن والإدانة قبل تاريخ الوشاية وبعدها". اتهم هذا الشخص الشركة بامتلاك صفحات مشبوهة على شبكات التواصل الاجتماعي، وفقًا لما ورد في بيان صادر عن الشركة بتاريخ 5 فبراير/شباط 2025.

شهد المسار القضائي لهذه القضية العديد من التقلبات الخطيرة والتجاوزات الصارخة، مما أفقدها أدنى معايير المحاكمة العادلة، وحولها إلى حدث غير مسبوق في تاريخ القضاء التونسي بمختلف تخصصاته.

تداول العديد من القضاة على تولي مسؤولية هذا الملف، ولكن كان يتم عزلهم بقرارات سياسية تتخذ في شكل مذكرات عمل من وزيرة العدل. على سبيل المثال، تم عزل أول وكيل للجمهورية ومساعده اللذين توليا الملف في البداية، ليتم تعيين وكيل ومساعد جديدين في عام 2022، واللذين تم عزلهما بدورهما بقرار سياسي مماثل.

وقد تكرر الأمر نفسه مع قضاة التحقيق، حيث تم عزل أول قاضي تحقيق تولى الملف في عام 2021، وتم تعيين قاضٍ آخر تم عزله هو الآخر لاحقًا، بالإضافة إلى تكرار عزل قضاة آخرين تعاملوا مع الملف في العديد من المحاكم التي أحيل إليها الملف.

لم يتوقف الأمر عند العزل السياسي المتكرر للقضاة، بل تجاوز ذلك في الفترة الأخيرة إلى تغيير الجهة المتعهدة بالملف، حيث تم نقله من محكمة سوسة 2 إلى الدائرة الجنائية الثانية بالمحكمة الابتدائية بالعاصمة تونس، والتي أصدرت مؤخرًا حكمًا بإدانة وسجن وزير العدل السابق والقيادي البارز في حركة النهضة والنائب في البرلمان الشرعي المنتخب سنة 2019، الأستاذ نورالدين البحيري، بعشر سنوات سجنًا بتهمة نشر تدوينة ثبت من خلال جميع الاختبارات الفنية عدم وجودها أصلًا.

يضاف إلى قائمة الانتهاكات الجسيمة والإخلالات الخطيرة التي شابت المسار القضائي الكامل لهذه القضية منع هيئة المحكمة للمحامين من الترافع عن بعض المتهمين، والامتناع عن تقديم الأدلة والقرائن التي تدين المتهمين.

قضاء سعيد.. قضاء تحت الإمرة

المتابع لأطوار هذه القضية يدرك تمام الإدراك وبدون أدنى شك أنها تجسد الوضع المتردي الذي وصل إليه القضاء في عهد الرئيس قيس سعيد، الذي أصبح بموجب دستوره الذي وضعه بنفسه ولذاته (2022) مجرد وظيفة تابعة للسلطة التنفيذية، بعد أن كان في دستور الثورة (2014) سلطة مستقلة بذاتها لها هياكلها التمثيلية المنتخبة، وعلى رأسها المجلس الأعلى للقضاء، قبل أن يقوم قيس سعيد بحله واستبداله بمجلس أعلى معيّن يعيش حالة من الشلل التام منذ أشهر عديدة نتيجة عدم ملء الشغورات فيه.

كما قام قيس سعيد بإعفاء أكثر من خمسين قاضية وقاضيًا، وذلك بناءً على وشايات كاذبة وشبهات لا أساس لها من الصحة، وقد قضت المحكمة الإدارية ببطلان قرارات الرئيس وأمرت بإعادة المعزولين إلى وظائفهم السابقة، وهو الأمر الذي رفضته وزيرة عدل الرئيس بشكل قاطع.

لقد بسطت سلطة قيس سعيد سيطرتها الكاملة على المرفق القضائي بكافة تخصصاته العدلية والمالية والإدارية، لكي يفعل به ما يشاء، ويستخدمه كأداة لتصفية خصومه السياسيين بأدوات قضائية خاضعة لسيطرته ومتحكم بها بشكل كامل.

فقد تواترت الحالات الصارخة التي تدخلت فيها السلطة السياسية بشكل سافر في سير المرفق القضائي لاستخدامه في تحقيق أجندتها السياسية الضيقة، حتى بات القضاء يُعرف في عهد قيس سعيد بأنه "قضاء التعليمات"، و"قضاء الأروقة المضمونة" التي تقبل فيها سلسلة القضاة المتعهدين بنفس الملفات بتنفيذ التعليمات والأوامر الصادرة إليهم، حتى لو أدى الأمر إلى خرق الإجراءات القانونية، وانتهاك الحقوق الأساسية، وتجاوز جميع الأعراف والقوانين المعمول بها.

صحيح أن المرفق القضائي لم يصل في جميع العصور السياسية التي شهدتها تونس الحديثة، بدرجات متفاوتة، إلى درجة الكمال التام، إلا أنه وصل مع قيس سعيد إلى أسوأ مستويات الانحدار والعبث، وفقد معها جميع معايير العدل والنزاهة، وتحولت جميع مساراته، بدءًا من التحقيق وصولًا إلى الحكم بمختلف درجاته، إلى ساحة للتنكيل بالخصوم السياسيين وتجريدهم من جميع حقوقهم المكفولة في الدستور، وفي المواثيق والمعاهدات الدولية التي وقعت عليها تونس، والتي تصر سلطة سعيد على عدم احترامها لسبب بسيط ولكنه يحمل دلالات خطيرة، وهو أن سعيد لا يؤمن بالحقوق ولا بالإجراءات ولا بالزمن القضائي، بل يؤمن فقط بأن القضاء هو مجرد وظيفة تابعة للحاكم يستخدمها كيفما شاء ومتى شاء من أجل تجريف الفضاء العام وإخلاء الساحة من خصومه، لكي يتمكن من تحقيق مشروعه "الشخصي".

تسييس واضح للملف وأحكام مروعة

لطالما صرح محامو الدفاع، منذ نشر ملف القضية في عام 2021 أمام محكمة سوسة 2 (سوسة مدينة ساحلية تونسية)، بأن الملف "لا يحتوي على أي شيء" يمكن اعتماده كدليل إدانة ضد أي من المتهمين، وذلك بعد كل التحقيقات والاستجوابات والاختبارات التي أجريت على مدار أربع سنوات كاملة، وبعد كل القضاة الذين تعاقبوا على تولي هذا الملف.

كما أثبتت الأبحاث والتحقيقات التي أجريت أن أياً من المتهمين من موظفي الشركة لا تربطه أي علاقة بأي سياسي أو أمني من المشمولين بالبحث في القضية، وأن أيًا من السياسيين والأمنيين لا تربطه أي علاقة بأي موظف من موظفي الشركة.

وعلى الرغم من كل ذلك، أصدرت الدائرة الجنائية الثانية بالمحكمة الابتدائية بالعاصمة أحكامًا صادمة وظالمة، تراوحت بين خمس سنوات وأربع وخمسين سنة سجنًا، بالإضافة إلى غرامات مالية ضخمة ومصادرة للممتلكات في حق البعض.

شملت هذه الأحكام الأستاذ راشد الغنوشي (84 عامًا)، رئيس البرلمان الشرعي المنتخب سنة 2019، ورئيس حركة النهضة المسجون منذ 17 أبريل/نيسان 2023 (حيث تم اعتقاله من منزله أثناء تناول وجبة الإفطار في ليلة السابع والعشرين من رمضان)، على ذمة قضايا أخرى عديدة صدرت في بعضها أحكام بالسجن وغرامات مالية، بينما لا تزال قضايا أخرى قيد النظر أمام المحاكم في انتظار صدور أحكام فيها.

فقد حُكم على الأستاذ راشد الغنوشي غيابيًا باثنتين وعشرين سنة بسبب مقاطعته للمسار القضائي منذ لحظة توقيفه؛ لقناعته التامة بعدم استقلالية المرفق القضائي، وبأن سجنه جاء بقرار سياسي تم فيه استخدام القضاء كأداة لتنفيذ هذا القرار، وأن خروجه من السجن سيكون بقرار سياسي أيضًا وليس بقرار قضائي.

ويؤكد فريق الدفاع عن الأستاذ راشد الغنوشي أن موكلهم لا تربطه أي علاقة بشركة "أنستالينغو"، وأنه لا توجد أفعال منسوبة إليه تبرر الحكم الجائر الصادر في حقه، وهو ما يثبت من وجهة نظرهم أن إقحام اسم الأستاذ راشد الغنوشي في هذه القضية جاء لأغراض سياسية بحتة، وفي غياب أي "أساس واقعي أو قانوني لإدانته والحكم عليه"، وإنما بذريعة أن "موقعه في الحزب وفي الدولة يجعله مطلعًا بالضرورة على مثل هذه الملفات"، حسب بيان جبهة الإنقاذ الوطني الصادر بتاريخ 5 فبراير/شباط 2025.

شملت الأحكام الصادرة عددًا من أفراد عائلة الأستاذ راشد الغنوشي، وجميعهم في حالة غياب، وهم ابنه معاذ الغنوشي المحكوم عليه بـ (35 سنة)، وابنته سمية الغنوشي المحكوم عليها بـ (25 سنة)، وزوجها الدكتور رفيق عبدالسلام وزير الخارجية السابق المحكوم عليه بـ (35 سنة)، مما يجعل مجموع الأحكام الصادرة في حق عائلة الغنوشي 117 سنة سجنًا.

وإلى جانب الأستاذ راشد الغنوشي، شملت الأحكام عددًا من السياسيين من بينهم مسؤولون سابقون رفيعو المستوى (رئيس حكومة، وزيران، ومسؤولان أمنيان)، إضافة إلى إعلاميين ومدونين وعدد من موظفي شركة "أنستالينغو".

ويؤكد إقحام مثل هذه الأسماء الوازنة، وخاصة الأستاذ راشد الغنوشي، حرص السلطة الحاكمة على تسييس الملف وتضخيمه بشكل كبير، وذلك للمضي قدمًا به في بناء سرديتها "المفضلة"، والتي تقوم على أن هذه المحاكمات تأتي في سياق "حرب التحرير الوطني" التي أعلنها سعيد ضد "الخونة والعملاء ووكلاء الصهيونية والمتآمرين مع الخارج ضد الأمن الداخلي والخارجي لتونس".

محاكمات زائفة

هذه المحاكمات "العبثية" هي نتاج طبيعي لانقلاب قيس سعيد ونهجه الاستبدادي في الحكم، وتعكس نظرته المتعالية لنفسه باعتباره "مبعوث العناية الإلهية" الذي أتى من كوكب آخر لإنقاذ تونس والبشرية جمعاء بأفكاره "الفريدة" التي لم يسبقه إليها أحد من العالمين، وتعكس نظرته "الدونية" للآخرين، الذين لا يمكن أن يكونوا إلا مجرد رعايا بين يديه يفعلون ما يأمر به، لأنه وحده الذي يعرف ما يريدون، ومن يرفض منهم طاعته وموالاته فهو عدو وخائن تجب معاقبته بإسكات صوته وإخراجه من الفضاء العام ورميه في غياهب السجون لسنوات طوال.

وإلى جانب ذلك، تبدو هذه المحاكمات "المهزلة" مجرد أداة من أدوات حكم قيس سعيد يستخدمها كلما احتاج إليها للتغطية على عجزه وفشله الذريع، ولتضليل الرأي العام وصرفه عن الاهتمام بمشاكله الحقيقية ومعاناته اليومية.

فبعد مرور أربع سنوات من الحكم المطلق دون تحقيق أي إنجاز حقيقي يعود بالفائدة على التونسيين، ومع بداية سنة جديدة مليئة بالصعوبات المتفاقمة والمخاطر الجسيمة، يعود قيس سعيد، مرة أخرى، إلى إطلاق بالونة "المعارضة والغنوشي والنهضة" لتحقيق هدفين رئيسيين يسعى إليهما:

  • الأول: إرضاء أنصاره المتعطشين لسماع أخبار اعتقال المعارضين وسجنهم والتنكيل بهم.
  • الثاني: إخفاء العجز المتزايد لسلطته في إدارة شؤون الحكم، وخاصة الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وعجزها عن إيجاد الحلول اللازمة والمستدامة لمشاكل التونسيين ومعاناتهم اليومية، خاصة مع استمرار الارتفاع الجنوني في الأسعار، وفقدان المواد الأساسية، وتدهور خدمات المرفق العام في مجالات النقل والتعليم والصحة وغيرها، وعجزها عن معالجة الاختلالات الهيكلية التي يعاني منها كل من المالية العمومية والاقتصاد التونسي، وعجزها عن فك العزلة الخارجية المفروضة عليها من قبل العديد من الدول والهيئات والمنظمات الدولية.

ربما كان قيس سعيد يعلم أكثر من غيره أن حبل سياسة التغطية على المشاكل الحقيقية التي تعيشها تونس في ظل حكمه المطلق من خلال إطلاق شعارات جوفاء لا وجود لها في الواقع، وعن طريق إعلان حروب وهمية مثل "حرب التحرير الوطني"، هو حبل قصير ومحدود، قاصر لأنه يعجز عن حل المشكلات الحقيقية، وقصير لأن قدرة تحمل الشعب لمتاعب الحياة وعجز السلطة عن تحسين مستوى معيشته لها حدود لا يعلم أحد متى ستصل إلى نهايتها.

ورغم ذلك، يواصل قيس سعيد العمل بنفس السياسة العقيمة، لأنه لا يملك غيرها ولا يقدر على ابتكار سياسة جديدة ومختلفة، وذلك لأن خلفيته السياسية وتجربته في الحكم ضعيفتان للغاية، خاصة مع تضخم شعوره بذاته، الأمر الذي حجبه عن الواقع ومنعه من التعلم واكتساب الخبرة.

محاكمة تنذر بما هو أسوأ

بناءً على كل ما سبق ذكره، تبدو هذه الأحكام الصادمة والظالمة بمثابة رسالة واضحة وقوية لكل من يعارض الرئيس قيس سعيد ونهجه السياسي، مفادها أن السلطة ماضية قدمًا في فرض أقصى العقوبات التي تسلب الحرية، وأن الأحكام القادمة ستكون على نفس الشاكلة، وربما ستكون أشد قسوة وأكثر إجحافًا.

فبعد الحكم الذي صدر منذ أسابيع قليلة بحق الأستاذ نور الدين البحيري، وزير العدل السابق والقيادي البارز في حركة النهضة، بالسجن لمدة عشر سنوات بتهمة نشر تدوينة غير موجودة على الإطلاق، من المتوقع أن يصدر حكم قاسٍ جدًا ضد المهندس علي العريض، رئيس الحكومة الأسبق والقيادي في حركة النهضة، والمتهمين معه في قضية ما يسمى بتسفير "المقاتلين إلى الجبهة السورية".

كما يتوقع أيضًا أن تصدر أحكام قاسية في حق القادة السياسيين الموقوفين منذ سنتين على ذمة ما يسمى بقضية "التآمر على الأمن الداخلي والخارجي لتونس".

تضاف هذه الأحكام الصادرة إلى العديد من الإجراءات القمعية التي اتخذتها سلطة قيس سعيد منذ انقلابه في 25 يوليو/تموز 2021، والتي تهدف إلى التضييق على الحريات وانتهاك الحقوق الأساسية.

ومع كل إجراء قمعي جديد، يتأكد بما لا يدع مجالًا للشك أن هناك خيطًا ناظمًا يربط بين كل هذه الإجراءات، مما يجعلها بمثابة خطة متكاملة الأركان تقف وراءها الثورة المضادة بمختلف أطيافها، وتهدف إلى تصفية كل ما له صلة بالثورة ومكتسباتها، من مؤسسات وهياكل وشخصيات وفاعلين، وذلك انتقامًا للمنظومة القديمة التي تبدو المستفيد الأكبر من سياسة قيس سعيد القمعية.

ليس من قبيل الصدفة أن يكون أغلب المعتقلين والمطاردين في عهد قيس سعيد من العائلة الديمقراطية الواسعة، والذين ساهموا في الثورة وفي الانتقال الديمقراطي، سواء كانوا في الحكم أو المعارضة، ومن الذين عارضوا الانقلاب وعملوا على استعادة الديمقراطية.

لن يتوقف قيس سعيد عن تدمير كل ما له صلة بالثورة والديمقراطية، خاصة إذا استمر تشتت صفوف المعارضة، واستمر غياب مشروع وطني جامع.

لن تتوقف هذه المحاكمات المشهدية الجائرة إلا باستفاقة المرفق القضائي، وهو أمر يبدو مستحيلاً في ظل منظومة قيس سعيد.

ستتوقف هذه المحاكمات بإرادة سياسية حقيقية عندما يتغير ميزان القوة لصالح المعارضة الديمقراطية، كما أكد الأستاذ راشد الغنوشي.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة